من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم القاطعة، والتي ذكرت في القرآن الكريم معجزة الإسراء والمعراج، ومن أنكرها فقد كفر لأنه أنكر جزءً من القرآن الكريم، يقول عز وجل في كتابه الكريم في سورة الإسراء: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)(
وما ذكر عن معجزة المعراج في سورة النجم في قوله تعالي: )عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)(.
وتذكر كتب السيرة أن معجزة الإسراء قد حدثت من مكة وانتهت بالمسجد الأقصى، وكان المعراج من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى، وهذا هو موضوع سطورنا هذه والتي تتحدث بالتفصيل حول أسباب عروج الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى.
لقد كان اختيار المسجد الأقصى مكانا لعروج النبي صلى الله عليه وسلم لحكم جليلة نذكر منها:
- أنها كانت تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتسرية عنه إذ كذبه المشركون فأراد الله عز وجل أن يبدله بذلك اجتماعه مع الأنبياء وهم أفضل البشر حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم إماما لهم.
- إشارة إلى أن الأنبياء جميعاً دينهم واحد وهو الدعوة إلى توحيد الله عز وجل وعبادته.
- وهو إشارة كذلك إلى أن الدين الإسلامي غير مقتصر على أهل مكة أو الجزيرة العربية فقط بل سوف ينتشر في العالم كله.
- في هذه المعجزة ربط للمسجد الأقصى بالمسجد الحرام وذلك توطيداً لوحدة الجغرافيا الدينية.
- أن القدس كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم هي أرض المنشر والمحشر حيث فيها ينتهي المشهد الدنيوي ويكون بداية المشهد الأخروي.
- في رحلة الإسراء والمعراج اختبار للناس حيث أن التصديق بها تحتاج إلى إيمان قوي بالله عز وجل وبرسوله الكريم، والرحلة في أساسها تعد من ضرب الخيال إذا ما تم حسابها وفق السنن الكونية لذا كانت هذه الرحلة كاشفة عن ضعاف الإيمان وعن المشككين في قدرات الله عز وجل حيث قال الله عز وجل في محكم تنزيله في سورة الإسراء: )وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ(60) (
- فيه إشارة إلى أن المسجد الأقصى هو مسجد للمسلمين وليس لليهود كما يزعمون لهم شيء فيه وأنه علينا أن نستميت في الدفاع عن المسجد الأقصى كما نستميت في الدفاع عن المسجد الحرام وعن المسجد النبوي.
وقد فسر العلماء أيضاً اختيار المسجد الأقصى للعروج منه إلى السماء السابعة أن النبوات ظلت فترة من الزمان مقتصرة على بني إسرائيل وبالتالي فقد ظل بيت المقدس مكاناً مفضلاً لديهم، ولكن اليهود حرفوا دين الله فنالوا عقابهم بأن تحول أمر النبوة عنهم إلى الأبد إلى أمة الإسلام لذا كانت رحلة الإسراء والمعراج هذه تدمج جميع الأديان السابقة تحت راية الإسلام يؤكد ذلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى وفي ذلك تأكيد أيضاً بأن رسالته هي خاتمة الرسالات السابقة جميعا.